دندنت أغنية إلفيس بريسلي ونزلت إلى المطبخ. تأملت ترتيبه وهي تضع يديها على خصرها بفخر. لا أطباق متسخة في الحوض، والأرض تبرق من فرط النظافة، والحوائط صارت تلمع، ورأس زوجها مدفون في حوض الزرع. أليس هذا حلم كل زوجة عاقلة؟! أما هو فوضع سماعتَي الووكمان على أذنيه وقرع الدرامز على إيقاع أغنية فرقة ذا رولينج ستونز، وهو يراقب صديقته تخفي دليل إدانته. ما الرابط بين زوجة تحب الجاز في الستينيات، ومراهق يعشق الروك في الثمانينيات؟ وهل هناك أغانٍ مشتركة في قائمتيهما الموسيقية؟ هذا ما ستكتشفه في الجزء…
«ما يغضب إلياس المقدسي في أثناء جلوسه في المطعم الآن، أن سارقه الجديد لم يكتفِ بوضع يده عليه كما فعل الجنرال الإنجليزي من قبله، بل شوَّه هويته تمامًا. غيَّر تصميم خداديات المقاعد التي كانت يومًا مزينة بتطريزة الجليل الفلاحي المبهجة، واستبدل خشبًا قاتمًا لا روح فيه بالأرائك التي كانت مُطعمة بالصدف العكاوي. لم يتوقف التشويه عند الديكور، فقد استبدل أيضًا فرقة جاز عبرية بالتخت الشرقي الذي كان يطرب القلوب ويعطي مساحة للمستمع، ليدندن بالعلياي والأوف والعتابا والميجانا وهو يؤرجل. على الرغم من نفور…
وفيما كان حد السكين يغوص في رقبة الخروف، راح مختار ولد أختي يفرد فرخ ورق سميكًا – من ورق اللحمة الذي اشتريناه لنلف فيه الأنصبة – فوق رقبة الخروف ليمنع نافورة الدم من الوصول إلى وجوهنا. أما أنا فقد ثبتُّ عيني على رسغ اليد اليسرى للجزار وهو يعيد ترديد الشهادتين عدة مرات ليريحني ويرضيني، فرأيت رسمًا دقيقًا باللون الأخضر الغامق مدقوقًا في رسغ الجزار؛ حينئذٍ داخَلني شعور فائق بنشوة عظيمة لا أستطيع وصفها على الإطلاق، وقد امتلأ سمعي بما يشبه زغاريد مدوية تجلجل في سماء الكون بغير انقطاع.
Validate your login